الخميس، يونيو 12، 2014

المملكة 7



ولما حان وقت أذان العصر سألنا عن المراحيض، وعلمنا أنها تحت الأرض، ووصلنا إليها عبر ممر عريض، جدارنه مغطاة بفسيفساء زرقاء، وما أن اقتربت من مكان الوضوء حتى تسمرت قدامى لوقت لم أتبينه، فقد رأيت المصليين يحملون في أيديهم جرادل صغيرة من الألمنيوم يملؤنها من حنفيات المياة المتراصة بجوار بعضها البعض، ثم يحملوها داخل دورات المياة. يا إلهى! ما هذا ؟ أكل هذه الفخامة والجلال ولا يوجد حنفيات داخل الحمامات؟! لن أدخل الحمام!
ولكنى اقتربت منه فوجدت به حنفية، أشبه بحنفيات حمامات مساجدنا في مصر، إذن فلم الجرادل؟ وسألت أحد العاملين فأخذ يشرح لي بلهجته المغربية، ولما رأى استغرابي أخذنى من يدى واقترب من أحد الجرادل فملأة بالماء الساخن وقال: هذا الجردل لمن يريد ماء ساخنا!!
توضأنا وصعدنا إلى باب المسجد فوجدناه قد فتح، ويقف على بابه حارسان، فظننت أن الدخول لن يكون إلا بتذاكر، وقد سمعت بذلك من قبل، فاقتربت منهما، وسألتهما: أريد أن أصلى العصر، فهل على أن أشترى تذكرة، فأجاب أحدهما: أما للصلاة فلا. واستبشرت خيرا، وخلعت حذائى ثم دعوت بدعاء دخول المسجد " اللهم افتح لي أبواب رحمتك"، ووجدت عن يمينى برميلا كبيرا مليئا بأكياس بلاستيكية فارغة، أخذت منه كيسا وأخذ رفيقى كيسا آخر، فوضع كل واحد منا حذائه بداخله، ثم تقدمنا داخل المسجد، وأصابتنى الرهبة، فالمسجد مهيب، له تسعة أبواب كبيرة مهيبة، تعلوها نوافذ مزججة. يقال أن  فكرة بناء هذا المسجد مستوحاة من الآية الكريمة: " وكان عرشه على الماء " ويقال أيضا أن المهندسين حرصوا على أن تكون قاعة الصلاة الداخلية مبنية فوق مياه المحيط الأطلسي الهادر، فإذا ما ركع المُصلي يرى تحته زرقة الماء، وإذا ما رفع رأسه إلى الأعلى يرى زرقة السماء، فسقف المسجد، والذي تتعدى مساحته 340 متراً، متحرك، ينزاح بمجمله في غضون ثلاث دقائق. ويستوعب المسجد حوالى خمس وعشرون ألف مصلٍ، وقبل سفرى بأيام شاهدت فيلما قصيرا عن المسجد وقد امتلأت جوانبة وساحاته الخارجية بالمصليين في شهر رمضان، وقدر العدد يومها بمائة ألف مصل.
وجدران المسجد مزخرفة بالفسيفساء والخزف الملون على الأعمدة والجدران، وكذلك على أضلاع المأذنة وهامتها، ويقال أن الخشب الذي يغلف صحن المسجد هو خشب من شجر الأرز، وتزين صحن المسجد سلسلة من القباب المتنوعة التي عُلقت فيها ثريات من البلور، وتضاء قاعته عبر سلسلة من الأبواب الزجاجية في الجدار الشمالي ومجموعة من الشماسات المرمرية الفخمة إلى جانب ثلاث فتحات مصنوعة في إطار خشبي مقوس، كما يتمييز المسجد بارتفاع أعمدته، حوالى 13مترا، وتنوعها من حيث الشكل.

وألقيت بجسدى على سجاد المسجد السميك، وجال بصرى في سقف المسجد، وأخذت أستمع إلى الشيخ الذي تحلق حوله عدد ليس بالكثير، ثم نهضت فصليت الظهر والعصر جمعا و قصرا، ووددت لو بقيت في المسجد لبعض الوقت، ولولا انتظار المجموعة واقتراب موعد الطائرة لبقيت!
 وودعنا المسجد وساحته وكان التاكسيان في انتظارنا، فقد أغرتهما الأموال الطائلة التى أخذاها منا أثناء قدومنا من المطار، فأرادا الزيادة، إلا أننى عقدت معهما صفقة مفادها: أن ينتظرانا ثم يذهبا بنا إلى أكبر مول تجاري في المدينة، ومنه إلى وسط المدينة لنتجول فيها ثم بعد ذلك إلى المطار مقابل ثلاثمائة درهم أخرى لكل تاكسي، والغريب أنهما وافقا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق