الاثنين، يونيو 09، 2014

المملكة 5


(3)

إخوتي هيا، للعلى سعيا
نشهد الدنيا، أن هنا نحيا
في مطار الدار البيضاء (كازابلانكا) أو( كذا) كما يطلق عليه المغاربة، سألنا ضابط الجوازات عن إمكانية الخروج لبضع ساعات إلى المدنية، نرى فيها مسجد الحسن الثاني، ثم نعود فنأخذ الطائرة المتجهة إلى الرباط، فأجاب: لا مانع!
فرحنا كثيرا وتزامن خروجنا مع وصول المجموعة القادمة من تونس، وأصابتنا الحيرة، هل نذهب بالقطار أم نأخذ التاكسي؟
وقبل أن نقرر، توقفنا قليلا أمام مكتب الصرافة كي نستبدل نقودنا بنقود مغربية، وتعجبت من الحرفية العالية لموظفى المكتب، فلديهم طريقة رائعة في الإغراء. أقصد إغراء العملاء كي يستبدلوا أكثر ما لديهم من نقود، ولا مانع عندهم  في أن يشترك أكثر من واحد في الاستبدال، وكلما زاد المبلغ المستبدل منه قل سعر الصرف!
ومازلنا لم نقرر بعد، أنذهب بالقطار أم نأخذ التاكسي، قال أحدنا: أين محطة القطار، فأجاب الآخر: على بعد خطوات من هنا!
في هذه الخطوات أحسست أننى في بلد لا هو عربي ولا هو أجنبي، بلد أقرب ما يكون بالمُعَرَّب، أو كما أطلقت عليه فيما بعد، بلد لافتاته مترجمة بترجمة من جوجل، فاللافتات أغلبها مكتوبة باللغة العربية القديمة، صعبة الفهم، وغير متدارجة!
وكانت أول لافته تقع عليها بصرى تلك المكتوب عليها : "بهو الوصول، بهو المغادرة، كراء السيارات، متاجر، مراحيض"! وأعجبتنى كلمة مراحيض، ثم سألت عن معنى كراء السيارات فقيل لي: المقصود به سيارات التاكسي! كراء السيارات = تاكسي وتاكسي تكتب بالطاء (طاكسي)!
وأمام هذه اللافتة هبطنا عدة درجات لنجد أنفسنا أمام محطة القطار، واستوقفتنى لافتة أخرى أو إن شئت فقل: نصب تذكارى مكتوب عليه:
" بسم الله الرحمن الرحيم
بأمر من صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني نصره الله وأيده
 قام صاحب السمو الملكى ولى العهد الأمير الجليل سيدي محمد
 يومه الثلاثاء20 محرم 1415 الموافق 21 يوليوز1992بتدشين
 محطة القطار لمطار محمد الخامس
 بارك الله في عمر عاهلنا المفدى وأبقاه زخرا وملاذا لشعبه الوفي
 وأقر عينه بأصحاب السمو الملكي الأمراء والأميرات إنه سميع الدعاء"

ومنذ أن قرأت كلتا اللافتتين وأنا أدقق النظر في أي لافتته تقابلنى، وكنت أحرص على تصوير الغريب منها، حتى جمعت عددا كبيرا من اللافتات، بعضها يثير تساءلات والبعض الآخر يبعث على الضحك، وسأذكرذلك بالتفصيل في حينه. ولم نشأ أن نذهب بالقطار، فنحن في حاجة إلى توفير الوقت، ولو ذهبنا بالقطار لوجب علينا أن ننتظر ساعة كاملة، لذا فقد فضلنا أن نأخذ التاكسي، وقد كنا تسعة، فقسمنا أنفسنا على مجموعتين، مجموعة نحيفة ومجموعة سمينة، فاجتمع النحاف مع بعضهم، وركب السمان مع بعضهم، وعلى الرغم من نحافتي فقد ركبت مع السمان! ولاحظت اصطفاف الجنود على جانبي الطريق المؤدي صوب المدينة، وأعادت لي مشهد اصطفافهم مشهد التشريفة التى كنا نراها في عهد مبارك، مئات الجنود يقفون على جابنى الطريق انتظارا لقدوم مبارك أو مغادرته، ولم يخب ظنى فعندما سألت السائق عن سبب وقوف أولئك الجنود، أجاب بأنهم في انتظار الملك القادم من مراكش!
-        هل يتجول الملك في الشوارع؟
-        لا
-        وهل رأيت الملك شخصيا؟
-        نعم في التلفاز!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق