الجمعة، يونيو 06، 2014

المملكة 2



امتد بنا الحوار لساعات حكت لى فيها كل شئ عن المغرب، عن عاداته وتقاليده، وعن أهله وناسه، وطرقه وبناياته،  ثم أسهبت في أنواع أطعمته ومأكولاته؛ فحكت لي ما يأكله المغاربة عند الفطور، وما يتناولوه عند الغداء، وما يفضلونه عند العشاء، وحرصت أن أدون كل ما قالت، ربما مبالغة في الاهتمام بما تقول، أو لعله ينفعنى إذا ما أردت أن أكتب شيئا عن المغرب، أو ربما يكون عونا لي إذا ما اضطررت يوما لأطبخ طبخة مغربية.
كان حديثها ممتع، فهي تتحدث اللهجة المصرية بطلاقة، ولديها قدرة كبيرة على المقارنة بين البلدين، وخصوصا في الأطعمة وأنواعها، وأدهشنى معرفتها الكبيرة بجميع المأكولات المغربية، وزالت دهشتنى عندما علمت أنها تعلمت كل ذلك في معهد السياحة والفنادق بالرباط.
  سألتها، فأجابت وكأنها تقرأ من كتاب:
-        الفطور عندنا في المغرب عبارة عن شاي مغربي، أو قهوة بالحليب مع الحرشة.
-        الحرشة! ما الحرشة؟
 قالت وهي تضحك من استغرابي: هي عبارة عن رغيف من دقيق السميدة.
-        السميدة! وما السميدة؟
علت ضحكتها وهي تقول: السميدة دقيق مخلوط بالسمن، يوضع عليه إما جبن أو عسل، ثم أردفت: وهناك أيضا المسمن. قلت لها: وما المسمن قالت: فطير يشبه الفطير المصري، ويكون حلوا أو مالحا، ثم واصلت: وهناك الرزيزة، والبغرير، وهناك الخليع!
 تركت القلم والتفت إليها قائلا بلهجة مصرية فيها شيئ من الحدة الممزوجة بشئ من اللطف: لأ، بقولك إيه، بالراحة عليا علشان أنا كده مش فاهم حاجة!
واصلت ضحكاتها ثم أجابت: خلاص ماشي!
كانت تشعر بسعادة وهي تتكلم، ورأيت سعادتها تزداد كلما شرحت لي مصطلحا من مصطلحاتها التى لم أفهمها. أخبرتنى بأن الرزيزة ماهي سوى فطيرة تشبه فطيرة المسمن، وأن الخليع عبارة عن طاجن من البسطرمة يوضع عليه بيضة أو بيضتين، ونسيت أن أسألها عن البغرير، وأغلب الظن أنه فطير.
سألتها عن الفول؟ فأجابت إجابة قاطعة أظهرت أنها فهمت مقصودي من السؤال:
-   لا نأكل الفول مثلكم في الصباح، وليس لعربات الفول عندنا أثرٌ، مثلما هو الحال عندكم على نواصي الشوارع، و قوارع الطرقات!
-        هل يمكن للإنسان أن يعيش من دون الفول؟!
-        وماذا لو جربتم الكسكسي؟

(2)

وخير ما في غربنا يلتــــــمسُ *** حبّ مكركب يسمى الكسكسُ
وقهوتان في الصباح والمسا *** و من يزد عليهمـــا فقد أسى

 وسألتها عن وجبة الغداء فأشارت بيديها أن أتمهل قليلا؛ فلم تنتهي بعد من الفطور، ولم أجد بدا من أن أصغي إليها، قالت:
-        الأملو!
ولم تترك لي الفرصة كي أسألها عن الأملو، فواصلت: وهو خليط من زيت الأركان مضاف إليه فول سوداني مسلوق أو محمر، مع اللوز والعسل ومكسرات مخلطوة! "تاكله... تدعيلى على طول"!
وواصلت...
وأما الغداء فهو الوجبة الأساسية للمغاربة، يكون في العادة ما بين الثانية والثالثة ظهرا، ويتكون من الشلادة، وتسمونها عندكم في مصر "السلطة"، وهي لا تختلف كثيرا عن السلطة المصرية، ويوضع معها أطباق الزعلوك وهى تشبه (بابا غنوج) ثم تأتى الطواجن أو الطاجين! وهنا قاطعتها:
-        أيوه، إدينى الطواجن، أموت أنا في الطواجن!
-        لأ الطواجن عندنا مش زي عندكم، إحنا طواجنا حاجة تانية خالص!
ثم بدأت تشرح طواجنهم، وراحت تسهب في الشرح حتى أن أمعائي صارت تزمجر وتزمجر، على الرغم من أنه لم يمض سوى دقائق معدودات على التهامها كل ما قدمه طاقم الطائرة من أطباق! مسكينة أمعائي، كيف احتملت كل ذلك!
كيف احتملت طواجن الفخار على الفحم، وكيف احتملت طواجن اللحم بالخضار، وطواجن اللحم بالبرقوق المجفف، أو بالمشمش، أو بالليمون المخلل، أو بالبطاطس والجزر، أو باللحم الضاني. وماذا عن طواجن الخرشوف وطواجن القوق بالجبانة (البسلة).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق