الاثنين، يونيو 23، 2014

المملكة 15



في المؤتمر عرض كل واحد منا  بضاعته، فقد كان المؤتمر أشبه بسوق امتلأ بالبضائع، أجاد فيه تاجر بعرض بضاعته، ولم يستطع آخر أن يقدر بضاعته حق قدرها، وفيه من جاء ليشترى!  وتخلل المؤتمر ساعة غداء، أكلنا فيها طعاما فرنسيا بنكهة مغربية ، وودت لو كان طعاما مغربيا خالصا! واستمر المؤتمر حتى غربت الشمس فخرجنا لمطعم قريب تحققت فيه أمنيتى بعشاء مغربي خالص!

وبعد العشاء الدسم  كان لا بد وأن نمشى قليلا لنهضم ما أكلناه، تطبيقا للمثل الشعبي الذي ما انفتأ جدي يوما من تكراره على مسامعى عندما كان الزمان يجود علينا بعشاء: "اتعشى واتمشى ولو نصف ساعة، واتغدى واتمدى ولو في أركان القاعة"!
 واقترح الأخوة الجزائريون، وهم ثلاثة - شابين وفتاة- أن نعود سريعا إلى الفندق، فنصلى العشاء ونغير من ملابسنا ثم نخرج فنتجول في شوارع المدينة، وعندما هممت بتغيير ملابسي تذكرت حقيبة رفيقى التى ما تزال عالقة في المطار، فسألته عنها فأجاب بأنه اتصل بمكتب الحقائب المفقودة، فأخبروه بأنها ستأتى في الغد! ما أصعب لحظات الانتظار!

لم نجد أمامنا سوى شارع محمد الخامس لنسلكه، فهو أشهر شوارع المدينة، وأكثرها حركة ونشاطا وازدحاما، إلا أن الوقت قد تأخر فتراجعت معه أعداد الناس، وقلت حركتهم، وبدأت المحلات تغلق أبوابها، فخفتت الأنوار، وحطت السكينة. وانتهى النصف الأول من شارع محمد الخامس فعبرنا شريط الترام متجهين نحو المدينة القديمة، وكانت ما تزال مفعمة بحركة صاخبة من الباعة الجائلين، وأكثرهم ممن يبيعون الأطعمة الخفيفة والعصائر. وتوقفنا كثيرا أمام محلات العطارة ومحلات الملابس آملين أن نشترى شيئا من المعروض بداخلها، ولولا مبالغة الباعة في أسعار سلعهم لاشترينا منهم كل ما نريد، وتحلينا بالصبر، وأجلنا الشراء ليوم آخر!
في طريق العودة إلى الفندق كان عمال النظافة يعملون بجد ونشاط، يجمعون القمامة، ثم يغسلون صناديقها بخراطيم المياه، فيخيل إليك أنها خارجة لتوها من المصنع، أو أنها لم تستعمل من قبل! ترى متى نرى مثل هذه النظافة في مصر!

حكى لى أستاذي ذات مرة أنه عندما انتقل إلى القاهرة ليدرس في الجامعة كان يرى عمال النظافة ينشطون بالليل فيغسلون شوارعها بالماء والصابون، وكانت القاهرة وقتها تضاهى عواصم العالم وتفوق عليها في الجمال والنظافة، ترى متى ستعود تلك الأيام، أم أن الماضى لا يعود؟!
وعدنا إلى الفندق لنودع يوما كان طويلا، وأبى النوم أن يأتى دون أن نعرف آخر التطورات في القاهرة، وكانت معظم الأخبار وبرامج الرغى تشير إلى تدنى التصويت في اليوم الأوللانتخابات الرئاسية! ترى لماذا عزف الناس عن حضور العرس الديموقراطي،أم تراهم قد سئمو من حضور الأعراس، وتذكرت الوعد الذي أخذته على نفسى من قبل، فاستعذت بالله من السياسة الرجيمة ونمت!

هناك تعليق واحد:

  1. ترى متى نرى مثل هذه النظافة في مصر!

    ردحذف