الثلاثاء، يونيو 17، 2014

المملكة 11



على بعد خطوات من البرلمان المغربي استوقفتنى عدة لافتات، كان أولها تلك التى تشير إلى " زنقة القاهرة" نظرت حولى فلم أجد زنقة، بل وجدت شارعا كبيرا متفرع من شارع محمد الخامس، وأعجبتنى اللافته، ففتحت كاميرتي والتقطت لها صورة سريعة وسط نظرات استغراب من المارة، ثم واصلت سيرى حتى توقفت أمام لافتة أخرى كتب عليها "مرآب عمومي" ولم أفهم كلمة مرآب إلا عندما قرأت الترجمة أسفل الكلمة " Parking Public" ففهمت أنه جراج عمومي، من أين أتوا بكلمة مرآب، لعن الله ترجمة جوجل!
 وضحكت بصوت مسموع عندما وقعت عيناي على لافته وضعت على بوابة مبنى سكنى كبير:  "مدرسة كالين للحلاقة رجال ونساء"، عرفت بعد ذلك أنهم يطلقون على مصفف الشعر النسائي " حلاق نسائي"، أما أكثر اللافتات التى أظهرت لى أنهم يستندون في ترجمتهم للعربية على موقع جوجل كانت تلك اللافتة التى كتب عليها " منطقة وقوف مؤدى عنه، منطقة منظمة الوقوف، خذوا تذكرتكم من الآلة": يا إلهى، خذوا تذكرتكم من الآله!
كانت هذه اللافته تقع في نهاية شارع محمد الخامس، هكذا اعتقدت، فقد كنت أقف على شريط آخر للترام ونظرت خلفى فإذا بالعمائر العالية الارتفاع، الحديثة البناء، الأوروبية الطراز قد انتهت، ونظرت أمامي فإذا ببيوت من طابق أو طابقين انبسطت فيما يشبة قرية كبيرة أو مدينة صغيرة للصيادين، وإذا بالشمس تكشف بنورها أروقة المكان ومنحنياته الكثيرة، وإذا بحركة الناس تبدو بطيئة هادئة، وإذا بالباعة الجائلين يعدون بضائعهم للعرض، وسألت أحدهم عن موقع المحيط الأطلسى، فأشار أن أقطع شارع محمد الخامس لنهايته!
- ألم ينتهى شارع محمد الخامس بعد؟
ولم يجب الرجل ولم أنتظر منه جوابا، ودخلت الشارع وكان ضيقا، وأحسست أننى عبرت إلى زمن مختلف، زمن يرجع إلى عهد المرابطين، أول مؤسسى المدينة القديمة، وهذا هو أكبر شوارعها، ومنه تتفرع أزقة ضيقة رائعة الجمال، أطلقت عليها أسماء قديمة، لشخصيات مجهولة لشخصي، معلومة بالطبع لأصحاب المكان، وعلى جانبي الشارع محلات صغيرة متراصة في تناسق جيد، معظمها كان مغلقا، فلم يحن بعد موعد فتحها، ولفت انتباهي لافتات المحلات، فمعظمها يبدأ ب كلمة "عند":-
عند محسن... بيع وكراء وخياطة الملابس التقليدية
عند رشيد.... الزي التقليدي وفن الخياطة
عند المختار.... ملابس جاهزة للنساء الحوامل والمحجبات
وهنا قفز إلى خاطري ما يقال عندنا في مصر عندما يدور الحديث عن شئ مستحيل حدوثه، لتخرج كلمة عند أم ترتر، أوعند أم إبراهيم، أو عند امه يا أدهم، لتسد الباب أمام الممكن، ولتتهكم على المتكلم، أو لتثبط من عزيمته، وقد يتطور الأمر للسب والشتيمة، فيصبح مصطلح عند أمه أو عند أمك، أوعند مامتك قذفا وسبا! ولم أكد أنتهى من عقد تلك المقارنة بين "عند" المغربية والتى يستهل بها أصحاب المحلات لافتاتهم وبين "عند" المصرية التى يستهل بها الناس سبابهم وقذفهم، حتى وقعت عيناي على لافتة تقول "عند أمى مباركة"، آه لو رآها المصريون!



هناك 3 تعليقات:

  1. .puplic parking

    ردحذف
    الردود
    1. .public parking

      حذف
    2. شكرا ع التعليق، ولكننى نقلت المكتوب عليها حرفيا ومعى صورة لها ، سأحاول إضافتها في النص أعلاه

      حذف