الاثنين، يونيو 16، 2014

المملكة 10



(6)

زنقة القاهرة


عادة تلازمنى كلما زرت مدينة جديدة، أستيقط مبكرا، ألبس ملابسا مريحة، تساعد على المشى لساعات، أنسل خارجا لأستكشف ما حولى، أترك لقدمى العنان، أحرص على أن أحفظ الشوراع التى قطعتها، حتى أتمكن من العودة، أصطحب معى كاميرتى!
في هذا الصباح لم أكن أتخيل أن الجو سيكون باردا بهذه الطريقة، جو أوروبي ساحلى جاف، اضطرنى لارتداء ملابس شتوية لا رغبة لدى في ارتدائها، وهيج معه سوائل كانت نائمة في أنفى، دعوت الله أن تكون عارضة لا تحمل معها بداية برد، حتى لا تفسد عندى متعة الاستمتاع بمدينة بدت لى هادئة وديعة. سرت بضعة خطوات، التفت يمينا وشمالا، درت دورة كاملة ثم لمحت لافته تشير إلى شارع محمد الخامس، فمعلومة عارضة بالأمس عرفت منها أن شارع محمد الخامس هو الشارع الرئيسي للمدينة،  في بداية الشارع مررت بمحطة القطار الرئيسية وبجوارها رأيت شريطا للترام، ويسمونه الطرامواي بالطاء، ويبدو أن التاء لديهم تكتب طاءً، فبالأمس قرأت طاكسي، والآن  طرامواي، ولاحقا أوطيل بمعنى فندق .
 واجتزت محطة القطار ببضع خطوات ثم انتبهت لمبنى أحمر اللون يرفرف فوقة  العلم المغربي، ومكتوب على واجهته كلمة واحده " البرلمان"، هل يوجد في المملكة برلمانا؟ لا شأن لي بالسياسة، ودعتها منذ زمن، متجنبا اللامعقول، حتى أن ردي بالأمس على ضابط الجوازات جاء مباغتا عندما سألنى، وهو يقلب جواز سفري بين يديه:
-        سيسي ولا مرسي؟
-        لا سيسي ولا مرسي، أنا بشجع عبد الحليم حافظ!
-        يعنى.... سواح!
-        لأ... موعود!
ترى لو كان حليم بيننا، مع من سيكون؟ ولم أجهد نفسي في التفكير، فالجواب محسوم! وطارت أمامي حمامتان ، فانتبهت لرجل يلقى ما بيده من فتات خبز إلى مجموعة من الحمام الوديع الذي لا يهاب المارة! يا ليتنى كنت حمامة لا أحمل هم يومى ولا هم غدى، أطير وأحلق، أنظر في عيون الناس، أبادلهم المشاعر، وأبث إليهم روح الأمل! ترى ما الأفضل لي أن أكون مثل هذا الحمام أم أن أكون خال البال مثل هذا العجوز الذي استيقط مبكرا ليطعمه! مازلت أفكر في هذا الأمر.
على بعد خطوات من البرلمان استوقفتنى عدة لافتات، كان أولها تلك التى تشير إلى " زنقة القاهرة" نظرت حولى فلم أجد زنقة، بل وجدت شارعا كبيرا متفرع من شارع محمد الخامس، وأعجبتنى اللافته، ففتحت كاميرتي والتقطت لها صورة سريعة وسط نظرات استغراب من المارة، ثم واصلت سيرى حتى توقفت أمام لافتة أخرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق